عند السلف
اعلم اخي هداني الله واياك ان التبرك جائز بل هو من السنن لما جاء في الاثر:
قال القاضي عياض: رؤي ابن عمر رضي الله عنهما واضعا يده على مقعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من المنبر ثم وضعها على وجهه.
وروى القاضي عياض عن أبي قسيط والعتبي كان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذا خلا المسجد جسوا رمانة المنبر التي تلي القبر بميامينهم ثم يستقبلون القبلة يدعون.
وقال الملا علي القاري شارح الشفا: رواه ابن سعد عن عبدالرحمن بن عبدالقاري
وروى ذلك الشيخ ابن تيمية أيضا عن الإمام أحمد أنه رخص في التمسح بالمنبر والرمانة وذكر أن ابن عمر وسعيد بن المسيب ويحيى بن سعيد من فقهاء المدينة كانوا يفعلون ذلك . اقتضاء الصراط المستقيم )
وقال إبراهيم الحربي: يستحب تقبيل حجرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
وقال صاحب غاية المنتهى الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي ما نصه: (ولا بأس بمس قبر بيد لاسيما من ترجى بركته).
وقال السمهودي في وفاء الوفاء ما نصه: لما قدم بلال رضي الله عنه من الشام لزيارة الني صلى الله عليه وآله وسلم أتى القبر فجعل يبكي عنده ويمرغ وجهه عليه.
وقد ورد أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يضع يده اليمنى على القبر وأن بلالا رضي الله عنه وضع خديه عليه.
وعن محمد بن سيرين قال: قلت لعبيدة: عندنا من شعر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصبناه من قبل أنس - أو من قبل أهل أنس، فقال: (لأن تكون عندي شعرة منه احب الي من الدنيا وما فيها).
قال الإمام الحافظ ابن حجر في الفتح: وقد بينه وكيع في مصنفه فقال: كان جلجلا من فضة صيغ صونا لشعرات النبي صلى الله عليه وآله وسلم التي كانت عند ام سلمة والجلجل هو شبه الجرس يتخذ من الفضة أو الصفر أو النحاس، وقد تنزع منه الحصاة التي تتحرك فيه فيوضع فيه – ما يحتاج إلى صيانته (كذا في فتح الباري
وقال الإمام العيني : وبيان ذلك على التحرير: أن أم سلمة رضي الله عنها كان عندها شعرات من شعر النبي صلى الله عليه وآله وسلم حمر في شيء مثل الجلجل وكان الناس عند مرضهم يتبركون بها ويستشفون من بركتها ويأخذون من شعره ويجعلونه في قدح من الماء فيشربون الماء الذي فيه الشعر فيحصل لهم الشفاء وكان أهل عثمان أخذوا منها شيئا وجعلوه في قدح من فضة فشربوا الماء الذي فيه فحصل لهم الشفاء ثم ارسولا عثمان بذلك القدح إلى أم سلمة ووضعته في الجلجل فاطلع عثمان في الجلجل فرأى فيه شعرات حمراء.
وعن جعفر بن عبدالله بن الحكم أن خالد بن الوليد قد فقد قلنسوة له يوم اليرموك فقال اطلبوها فلم يجدوها فقال اطلبوها فوجدوا فإذا هي قلنسوة خلقة أي ليست بجديدة فقال خالد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فحلق رأسه فابتدر الناس جوانب شعره فسبقتهم إلى ناصيته فجعلتها في هذه القلنسوة فلم أشهد قتالا وهي معي إلا رزقت النصر(الهيثمي في مجمع الزائد) وابن حجر في المطالب العالية ) وفيه يقول خالد (فما وجهت من جهة الا فتح لي)
وفي سير أعلام النبلاء للذهبي ما نصه: قال عبدالله بن أحمد: رأيت أبي يأخذ شعرة من شعر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيضعها على فيه يقبلها وأحسب أني رأيته يضعها على عينيه ويغمسها في الماء البرد ويشربه ويستشفي به ورأيته يشرب من ماء زمزم يستشفي به ويمسح به يديه ووجهه.
عن سيدنا سهل بن سعد رضي الله عنه في البردة التي استوهبها من النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلامه الصحابة على طلبها فقال: رجوت بركتها حين لبسها النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي أكفن فيها (أخرجه البخاري)
وفي شرح الإحياء للحافظ الزبيدي ما نصه: عن الشعبي قال: حضرت عائشة رضي الله عنها : وهي تقول (إني قد أحدثت حدثا ولا أدري ما حالي عنده فلا تدفنوني معه فإني أكره أن أجاور رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولا أدري ما حالي عنده ثم دعت بخرقة من قميص رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالت: ضعوا هذا على صدري وادفنوها معي لعلي أنجو من عذاب القبر).
ويروى أن آخر خطبة خطبها معاوية إذ قال: أيها الناس إن من زرع قد استحصد وإني قد وليتكم ولن يليكم أحد من بعدي إلا وهو شر مني كما كان من قبلي خيرا مني ويا يزيد – يعني ولده – إذا وفى أجلي فول غسلي رجلا لبيبا فإن اللبيب من الله بمكان فلينعم الغسل وليجهر بالتكبير ثم اعمد – أي أقصد – إلى منديل في الخزانة فيه ثوب من ثياب النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقراضة من شعره وأظفاره فاستودع القراظة أنفي وعيني واجعل الثوب على جلدي دون اكفاني.
وعن موسى بن عقبة قال: رأيت سالم بن عبدالله يتحرى أماكن من الطريق فيصلي فيها ويحدث أن أباه كان يصلي فيها وأنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي في تلك الأمكنة قال موسى : وحدثني نافع أن ابن عمر كان يصلي في تلك الأمكنة ( اخرجه البخاري )
قال العلامة ابن حجر رحمه الله تعالى: يتأكد ندب احترام نحو المدارس والربط ومحال العلماء والصلحاء وكل محل علم أنه صلى الله عليه وآله وسلم نزله أو صلى فيه فله فضل عظيم على غيره على ممر الدهر فيتأكد الاعتناء به بتحري نزوله والتبرك به كما كان ابن عمر وغيره رضي الله عنهم يفعلون بعد وفاته صلى الله عليه وآله وسلم ( الفتاوى الكبرى لابن حجر
وما يقال من أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه قطع شجرة بيعة الرضوان لتحريم التبرك بقبور الأنبياء والصالحين فليس في ذلك دليل لهم
فإنه محمول على أنه تخوف أن يأتي زمان قد يعبد الناس تلك الشجرة وليس مقصوده تحريم التبرك بآثار الرسول ولو كان الأمر كما ظنوا ما كان ابنه عبدالله ينزل تحتها أي تبركا وكان يسقيها الماء كي لا تيبس (أخرجه ابن حبان في صحيحه) ولا شك أن عبدالله بن عمر أفهم بسيرة أبيه من غيره.
التبرك بآثار الأنبياء السابقين
عن نافع أن عبدالله بن عمر أخبره أن الناس نزلوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على الحجر أرض ثمود فاستقوا من آبارها وعجنوا به العجين فأمرهم برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يهريقوا ما استقوا ويعلفوا للإبل العجين وأمرهم أن يستقوا من البئر الذي كانت تردها الناقة (أخرجه مسلم)
وقال النووي في شرحه على هذا الحديث من فوائد هذا الحديث جواز التبرك بآثار الصالحين.
جاء الإمام السبكي رحمه الله تعالى لزيارة الإمام النووي – رحمه الله تعالى – فوجده قد توفي فأتى إلى دار الحديث وسأل عن مكان جلوس الإمام النووي فدل عليه فصار يمرغ وجهه ولحيته عليه وأنشد:
وفي دار الحديث لطيف معنى أصلي في جوانبها وآوي
لعلي أن أمس بحر وجهي مكانا مسه قدم النواوي
وقال تعالى: ﴿وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين﴾ قال الحافظ ابن كثير في التاريخ: قال ابن جرير عن هذا التابوت: وكانوا إذا قاتلوا أحدا من الأعداء يكون معهم تابوت الميثاق الذي كان في قبة الزمان فكانوا ينصرون ببركته وبما جعل الله فيه من السكينة والبقية مما ترك آل موسى وآل هارون فلما كان في بعض حروبهم مع أهل غزة وعسقلان غلبوهم وقهروهم على أخذه فانتزعوه من أيديهم.
ذهب كانت يغسل فيه صدور الأنبياء( البداية والنهاية )
وقال ابن كثير في التفسير: كان فيه عصا موسى وعصا هارون ولوحان من التوراة وثياب هارون ومنهم من قال: العصا والنعلان
وقال القرطبي: والتابوت كان من شأنه فيما ذكر أنه أنزله الله على آدم عليه السلام فكان عنده إلى أن وصل إلى يعقوب عليه السلام فكان في بني إسرائيل يغلبون به من قاتلهم حتى عصوا فغلبوا على التابوت غلبهم عليه العمالقة وسلبوا التابوت منهم (تفسير القرطبي)
وهذا في الحقيقة ليس إلا توسلا بآثار أولئك الأنبياء إذ لا معنى لتقديمهم التابوت بين أيديهم في حروبهم غير ذلك والله سبحانه وتعالى راض عن ذلك بدليل أنه رده إليهم وجعله علامة وآية على صحة ملك طالوت ولم ينكر عليهم ذلك الفعل.
هذا باختصار هو التبرك عند السلف وهو ما عليه اهل التصوف الحقيقيين مع الاعتقاد التام والكامل بان الضار والنافع هو الله وحده ومن اعتقد ان احدا يضر وينفع من دون الله فه مشرك كافر ليس من الاسلام في شيء
منقول من أخي الغالي محب النقشينديه